الإيمان بالله.
[دلالة حرف الحاء في كتب الحديث]
(ح) هذه لتحويل الإسناد، إذا أراد العلماء أن يُحوِّلوا الإسناد كتبوا (ح)، ولماذا يكتبون (ح)؟ قال أهل العلم: لأنهم يُوفِّرون ثلاثة أمور:
- فيوفِّرون الوقت.
- ويُوفِّرون الورق.
- ويُوفِّرون المداد.
[عقيدة الفرقة القدرية]
كانوا يُنكرون مرتبة العلم، ويَرون أن الله –جل وعلا- لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعِها، وهؤلاء هم القدريَّة الأوائل القُدامى، كانوا يُنكرون العلم؛ لأن القدر له أربع مراتب:
- العلم.
- والكتابة.
- والمشيئة.
- والخَلق.
“عِلمٌ كتابةُ مولانا مشيئتهُ وخلقه وهو إيجادٌ وتكوينُ”.
فكانوا ينكرون مرتبة العلم، وفي هذا يقول الشافعي –رحمه الله-:“جادلوهم بالعلم” أي هل يثبتون هذا الأمر لله –سبحانه وتعالى-، قال: “فإن أقروا به كُسِروا، وإن جحدوه كفروا”؛ لأن نُكران علم الله –جل وعلا- أن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها هذا تنقص في حق الله –سبحانه وتعالى-، ولهذا كانت هذه المقولة من المقولات التي تناقض إيمان العبد، فكانوا ينكرون هذه المرتبة، وهذه الطائفة تكاد تكون اندثرت كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في زمنه، وذكر أنه لا يكاد يقول بهذا القول أحد.
[عقيدة القدرية المتوسطة]
القدرية المتوسطون والذين كانوا ينكرون مرتبة الخلق والمشيئة، ويُقِرُّون بمرتبة العلم والكتابة، لكنهم ينكرون مرتبة الخلق والمشيئة.
[الانحرافات في باب القدر ]
– القدرية المتأخرة: ترى أن الله –جل وعلا- خالق للعبد وأن العبد يخلق فعله، وهذا يناقض قول الله –جل وعلا-:﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:96] فالله خلق العبد وخلق أفعاله، وهؤلاء يرون أن العبد يخلق فعله.
– الجبرية: والذين قالوا إن العبد لا فعل له! كيف لا فعل له؟! قالوا هو مجبور على الفعل، يذهب، يمشي، يشرب الخمر، يفعل المعاصي، كل ذلك هو مجبور! حتى تطور بهم الأمر ونسبوا هذه الأفعال لله –سبحانه وتعالى-.
[ قول أهل السنة في باب القدر]
أهل السنة والجماعة قالوا بمقتضى الآيات، وبمقتضى الأحاديث من وجوب الإيمان بقدر الله، وأن كل شيء بقدر الله، وأن القدر هو نظام التوحيد، وكما قال ابن عباس: “كل شيء بقدر الله، حتى وضع يدك على خدك بقدر الله”،والإيمان بالقدر أمره عظيم؛ لأن الإنسان يتسلى به في كل شيء، فيما يصيبه من خير وفيما يصيبه من شر.
[آداب المشي الجماعة مع الفاضل فيهم]
أدب المشي، مشي الجماعة مع الفاضل فيهم، فإنه لايصح أن يتقدموه فيُعيقوه في مشيته، ولا يصح أن يكون في جانب واحد فيميل بكثرة إذا أراد أن يتحدث، ولكنهما اكتنفاه أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، ثم في هذا الفعل منهم -رضي الله عنهم – أو – رحمهم الله – في الرجوع إلى الصحابي عبدالله بن عمر فيه الرجوع إلى أهل العلم في الـمُلِمَّات، في المشكلات، في النوازل، وفي ما يطرأ على عقائد الناس، ولذلك نجد أنهما على طول رحلتهما من البصرة إلى أن وصلا إلى عبدالله بن عمر ما سألا أحدًا، وهذا يدل على أن الإنسان يسعى في سؤال الأعلى والأعلم، وهذا هو الأولى.
[آداب طالب العلم]
من الأمور التي ينبغي أن يعتني بها طالب العلم، إذا كان في مجلس لعالم فيُقدم الأكبر للسؤال أو يقدم الأفصح ممن سَيُجَلِّ المسألة ويُبَين المسألة، لا أن يكون المجلس مجلس مقاطعات واستدراكات كما يحصل من بعض طلاب العلم فلا يتأدب بأدب طالب العلم، هذا يسأل وهذا يعترض عليه وهذا يكمل الناقص وهذا لاقٍ إن بقي شيء، وفي هذا من عدم سلوك مسلك الأدب في السؤال.
[عادات العرب ]
قال:فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ!، هنا نادوه بالكنية، وهي من العادات الطيبة عند العرب أنهم ينادون الشخص بكنيته.
[ الأدب مع العالم ]
أنهم ينادون الشخص بكنيته، فما قالوا يا عبدالله وإنما قالوا يا أبا عبدالرحمن، وهذا يختلف باختلاف الحال وباختلاف الشخص، فقد لا يكون أحيانًا من الأدب مع العالم الجليل الكبير أن ينادى بكنيته، فيُنظر في ذلك إلى عادة الناس وإلى أعرافهم وإلا فإن العرب كانت إذا أرادت أن تُكْرِم إنسانًا نادته بالكنية، كما قال القائل “أُكَنِّيهِ حين أُنَادِيهِ لأُكْرِمَهُ ولا أُلَقِبَهُ والسَّوءَةُ اللقبُ”.
[منهج السلف في باب العلم والقرآن]
وفي باب القرآن سيرًا صحيحًا على طريقة سلف هذه الأمة وعلى رأسهم الصحابة – رضي الله عنهم وارضاهم –، وإلا فليس مجرد العلم هو عصمة للعبد من أن لا يقع في الزلل، وإنما يطلب طالب العلم الحديث، ويقرأ القرآن ومع ذلك هو يسأل الله الثبات وقلبه وجل خائف، فهؤلاء قرءوا القرآن وتعلموا العلم ولكنهم زاغوا في مسألة من أعظم مسائل أصول الإعتقاد وهي مسألة القدر، بل كان هذا القول منهم قول ناقض للإيمان مخرج عن الملة، فما أفادهم مجرد قراءتهم للقرآن أو طلبهم للعلم.
[ثلاث مواطن للحلف]
والله -جل وعلا- أمره أن يحلف في ثلاث مواطن كما هو في القرآن، في ثلاث مواطن أمر الله نبيه أن يحلف، في قول الله -جل وعلا-:﴿وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ ۖ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾[يونس : 53]، وفي قول الله-جل وعلا-:﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ۖ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾[سبإ:3]، وفي قول الله-جل وعلا-:﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا ۚ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ﴾[التغابن:7].
[حفظ اليمينٍ]
قال أهل العلم ويجوز الحلف للحاجه أو المصلحة، ولذلك قال الله- جل وعلا- :﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُم﴾[المائدة: 89]، قالوا حِفظ اليمين من ثلاثة أشياء:
أولًا: من الكذب، أن يكون هذا الحلف كَذِبًا.
والأمر الثاني: عن كثرة الحلف والأَيمان، احفظ يمينك عن كثرة الحلف، ليس في كل شيء، وبعض الناس كلمة والله على طرف لسانه في كل شيء، هذا بلاشك من عدم التأدب في هذا الأمر العظيم، فإن المحلوف به هو الله -سبحانه وتعالى-.
والأمر الثالث: من حِفظ الأَيمان حِفْظُها عن التحنث فيها، أي لا ينقضها وإنما يُتِمُّها إلا فيما هو أفضل منها وأولى منها، فهنا ابن عمر-رضي الله عنه- قال:وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَهذا يمين منه وهو صادق -رضي الله عنه وأرضاه-،“لَوْ أَنَّ لأحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ”، في هذه اللفظة في قولهمَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، في هذه اللفظة قال العلماء الدليل على أن ما قاله أولئِك أنه مناقض للإسلام، لأن الله –جل وعلا- لا يتقبل من الكافرين، فكون ينفقون هذه النفقة العظيمة لا يُتقبل منهم دل على أن ما قالوه أمرًا عظيمًا.
[ثاني خلفاء الراشدين]
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ-رضي الله عنه-، عمر بن الخطاب صاحب المناقب العظيمة والفضائل الكثيرة، ثاني الخلفاء الراشدين المهديِّن، الذي كانت على يديه نصرة الإسلام فتوحات الإسلام، وهو أفضل أُمة محمد-صلى الله عليه وسلم- بعد أبي بكر.
[ من الحالات التي رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام]
قال:((بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ))وهذا فيه أن النبي–صلى الله عليه وسلم- كان يُجالس أصحابه، قال أهل العلم: وينبغي لمن ينتفع الناس منه
أن يُجالسهم، ويُخصص لهم ما يكون فيه النفع إقتداءً بالنبي –صلى الله عليه وسلم-.
قال:((إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ))، ووجه الغرابة أنه شديدُ بياض الثياب، ولو كان مسافرًا لظهر شي من أثر السفر في ثوبهِ، وشديدُ سواد الشعر أي غير مُغبر ومع ذلك لا يعرِفونه فليس هو من الحي، فتعجب الصحابة، حتى جاء في رواية:((نظر بعضهم إلى بعض، قالوا: لا نعرف الرجل!))وهو جبريل –عليه السلام- كما في آخر الحديث، وهذا فيه دليل على أن الله –جل وعلا- يُمكِّن للملائكة أن تتشكَّل بالأشكال أخرى، وقد كان جبريل يأتي على
صورة من؟ على صورة دُحية الكَلبي –رضي الله عنه-.
[آداب المجلس]
من أدبِ المجلس، أنه يُقبِل ويجلس هذه الجلسة التي يظهر منها الرغبة في التعلم، فلا يليق أن يجلس طالب العلم في مجلس العلم جلسة االمتبخِّتر الذي يأخذ كما يقال: يأخذ راحته، وإنما ينبغي أن يكون في جلسة الحريص المتأدِّب.
[آداب السؤال من طالب العلم]
جواز سؤال العالم، أي أن السائل يسأل العالم عما يعلمه هو لتعليم الناس، أن تسأل العالم عما تعرفه أنت، ولكن لأن في المجلس من تريد أنت أن تصِلَ إليه المعلومة فتسأل العالم، وهذا سؤالٌ حسن وجيد ولكن ينبغي التَنَبُّه إلى أمرٍ في غاية الأهمية من آداب السؤال من طالب العلم، وهو أن لا يسأل سؤال مُمتحن أو سؤال مُجادل أو مُتتبع لِعثرة أو سؤال من يُريد أن يُظهر علمه للمسؤول أو سؤال من يُريد أن يذكر غريبًا فيُغْرِب.
ولذلك من جميل وصايا ابن حزم أنه قال:“فلا يكن حضورك إلا حضور مستزيدٍ عِلمًا وأجرا،قال:لا حضور من هو مُستغنٍ بما عنده، طالبًا عَثَرةً يُشيِّعُها أو غريبةً يُشنِّعُها، قال:فهذه فعل الأرادل الذين لا يُفلحون في العلم”.
ولذلك باب السؤال له فقه، فليس لنا أن نتجاوز هذه الآداب العظيمة التي نتعلمها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونتعلمها من جبريل دون أن نقف معها ونُترجِم هذه الآداب عمليًا في حياتنا العلمية، في كلامنا، في سؤالنا، في طلبنا للعلم ونحو ذلك.
[ الإسلام]
فقال النبي–صلى الله عليه وسلم-:((الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا))، فبَيَّنَ له النبي –عليه الصلاة والسلام- أركان الإسلام، وذكر أنها الأعمال الظاهرة.
[الفرق بين طريقة سؤال جبريل وطريقة سؤال الاعراب لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ]
قَالَ: ((صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ، وَيُصَدِّقُهُ))؛ لأنَّ العادة أن السائل لا يعلم هذا الأصل، الأصل أنك تسأل عن شيء لا تعلمه، ولا تسأل عن شيء تعلمه إلا لفائدة ولمصلحة، فتعجب الصحابة أن هذا السائل بشكل غريب لا يَظهر عليه أثر سفر، يأتي ويسأل النبي–صلى الله عليه وسلم- ثم لما يجيبه النبي –صلى الله عليه وسلم-يقول: صدقت، هذا على خلاف طريقة الأعراب.
[الإيمان]
قال: ((فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإيمَانِ، قال: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ))، فأخبره بأركان الإيمان الستة. وحَسُنَ سؤال جبريل أنه ابتدأ بالإسلام؛ لأنه الأصل، فيبدأ متدرجًا بالأقل فالأكثر، ابتدأ بالإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان، وهنا فسر الإيمان بالأعمال الباطنة وهي الإعتقادات.
وكما هو معلوم أنَّ الإسلام له إطلاقان في الشريعة كما أنَّ للإيمان إطلاقان، فيطلق الإسلام ويراد به الأعمال الظاهرة إذا ما قُورِنَ بالإيمان، جاء في سياق مع الإيمان، ويُراد به الدين كله مع الأعمال الباطنة إذا ما انفرد، ولذلك قال العلماء مقولتهم المشهورة:“إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا”.
[الفرق بين الإسلام والإيمان]
ذُكِرَ الإيمان والإسلام كان الإيمان يختص بالأعمال الباطنة، والإسلام يختص بالأعمال الظاهرة، وإذا افترقا فذُكر الإيمان مثلًا فإنه يختص بالأعمال الباطنة، وإذا ذكر الإسلام فقط فإنه يختص بالأعمال الظاهرة والتفريق بينهما في الكتاب والسنة﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّاۖقُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات:14]،
وفي حديث جبريل ما الإسلام؟ ما الإيمان؟ فرق بينهما دليلٌ على أن لِكِلا اللفظين معنى غير المعنى الآخر.
[الإحسان]
قال: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإحْسَانِ، قال: ((أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ))،وهذا أعلى مراتب الدين أن تعبد الله كأنك تراه وهذه أعلى من الثانية، عبادتك قائمة لله – جل وعلا- وكأنك ترى الله لا ترى غيره تتوجه إلى الله ليس إلى غيره، فإن لم تكن تراه فإنه يراك فإذا كان يراك فأحسن في العبادة، وقالوا في هذا استحضار مراقبة الله –جل وعلا- وأنه قريب، لذلك قال ربنا –جل وعلا-:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖأُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة:186]، وقال النبي – عليه الصلاة والسلام-:(( إِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمًّا وَلَا غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا))، وهذه المرتبة هي أعلى المراتب، وهي مرتبة من حيث أنها أعلى المراتب فيها عموم فهي تشمل المؤمن والمسلم، ومن حيث أفرادها الذين يتَصِفون بها ففيها خصوص؛ لأنه ليس كل شخص يصل إلى مرتبة الإحسان وإنما من اصطفاهم الله –جل وعلا- لهذه المرتبة.
[باب أولى لا يعلم أحدٌ غيرهم الساعة عن موعدها]
قال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قال: ((مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ))،أمر الساعة أمر حجبه الله –جل وعلا- عن العباد، ولذلك جاء في الحديث((مَفَاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ، لاَيَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ))– وذكر منها الساعة وقرأ- قول الله –جل وعلا-:﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾[لقمان:34]، وإذا كان الله – جل وعلا- حجب موعد الساعة عن أفضل الملائكة وهو جبريل، وأفضل الرسل وهو محمد -صلى الله عليه وسلم-، فمن باب أولى لا يعلم أحدٌ غيرهم الساعة عن موعدها، وكذبوا وأفتروا من حددوا الساعة بتاريخ معين قالوا لنا عام ألفين تكون الساعه، الناس انتظروا فجاء ألفين، ثم نحن الآن تعدينا بخمسة عشر سنة، وبعضهم قال في ألفين وخمسة وعشرين ولا زالوا يَدْجِلُون على الناس، وبلا شك أن ادعاء علم الساعة ووقت الساعة أن هذا مناقض للإيمان وأمرٌ لا يجوز، ومثل هؤلاء بعض من ينتسب إلى الدعوة زورًا ممن سلك مسلك فقه الواقع، فصار يتنبأ بعد في ألفين وإثنى عشر سيكون كذا ستحرر الأقصى، في ألفين وعشرين يكون كذا، في ألفين…، وهم في الحقيقة انتقلوا من فقه الواقع الذي يعيشون فيه إلى فقه مالم يقع، كانوا يتحدثون دائمًا أن هم يفقهون الواقع، لكن حقيقة الأمر الآن أنهم يفقهون مالم يقع، الذي لا زال في علم الغيب فيدَّعُونَ معرفته، والعجيب أنهم يحددونه بالسنوات أيضًا، هذا من خذلان الله لهم؛ لأنهم لو تشبتوا بأصول الإسلام، وتحرزوا في باب الإعتقاد ما قالوا هذا الكلام ولا تكلموا به.
[علامات أشراط الساعة]
قال:((فَأخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا))، أمارتها يعني أمارات الساعة، هذا يدل أن للساعة أمارات أو علامات، وهي العلامات التي تسبق يوم القيامة وتدل على قدومها، قال أهل العلم:“وفائدة معرفة هذه العلامات لا سيما أشراط الصغرى منها أن يتهيء الإنسان يتهيء للموت ويستعد للقاء الله -جل وعلا- وتقع في قلبه موقع الحرص”. وأمارتُها على قسمين:
أشراط كبرى: وهي ما جاء في الحديث خروج الدابة، ونزول عيسى، وطلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خسوفات: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب، وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن تقود الناس إلى المحشر.
والصغرى كثيرة: مما يُنَبَّه عليه هنا أن حينما نقول علامات الساعة أو من علامات الساعة أو من أمارات الساعه لا يدل على أنها مذمومة.
[ذكر علامة من علامات الساعة الصغرى]
قيل معناه أن الملك يأخذ الجارية ويتزوج بالجارية فتلد منه أو منها البنت فتكون هذه البنت سيدة على أمها، وقيل هي كناية عن أن أبناء الإماء يكثرون ويتملكون ويكونوا أسيادًا وملوكًا، وقيل بل هو من علامات كثرة الفساد، كيف كثرة الفساد؟ قالوا يكثر بيع أمهات الأولاد وعقوق الأبناء بالأمهات، وإذا كثر بيع أمهات الأولاد فربما يشتري الرجل أو يشتري هذا الولد أمه وهو لا يدري أنها أمُه لأنها بيعت.
فهذه من العلامات أن تلد الأَمةُ رَبَّتَها، وجاءت في بعض الروايات(( رَبَّها )) أي سيدها.
((وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ))أي الفقراء والحفاة والعراة معروف، العالة الفقراء.
((رِعَاءَ الشَّاءِ)) الشاء جمع شاة، قالوا وهو من الجمع الذي يُفَرَّقُ بينه وبين مفرده أو بين واحِدِهِ بالهاء، مثل: شجر وشجرة، ثمر وثمرة، ومن الجمع الذييُفَرَّقبينه وبينواحِدِهِبالهاء. فهذا وصفهم أن ترى الحفاة الذين كانوا لا يملكون نِعالًا يلبسونها، ولا يملكون ما يسترون به أجسادهم من فقرهم وهم يرعون الأغنام تجدهم يتطاولون في البنيان؛ هذه علامة ليست للذم وإنما هي ذكر علامة من علامات القيامة الصغرى.
[قاعدة أن السبب كالمباشرة]
وهو ما ذكره أهل العلم من قاعدة أن السبب كالمباشرة، فجبريل كان سببًا في هذا العلم فكأنه باشر هذا العلم وعَلَّم، فجعله النبي –عليه الصلاة والسلام- مُعلِّمًا؛((فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ))، وهذا أيضًا فيه دلالة على أن تعليم الناس الشرائع منه ما كان بالوحي من الله –جل وعلا- بالقرآن، ومنه ما جاءت به السنة وهو أيضًا وحي من الله –سبحانه وتعالى-، ومنه ما عَلَّم جبريل -سواء في هذا الحديث أو غيره- النبي –صلى الله عليه وسلم- وعلَّم أصحابه، وهذه كلها من الله –جل وعلا-.
[بيان قضية حدثني وحدثنا وبين أخبرني وأخبرنا]
قالوا: حدثني إذا كان أخذ الحديث منه هو، أما حدثنا إذا كانوا في مجمع، وأخبرني إذا كان هو الذي يقرأ الحديث على شيخ، وأخبرنا إذا كان في مجمع يُقرأ على الشيخ.
[:]